هل يُمكن عقد مؤتمر للدول المانحة لمساعدة لبنان في ورشة إعادة الإعمار، قبل إنجاز الإصلاحات المطلوبة محلياً ودولياً، والاتفاق مع حاملي سندات اليوروبوندز على الحل، كشرط لتقديم الدعم والمساعدة؟
هذا السؤال تتمّ مناقشته حالياً في محافل خارجية، انطلاقاً من الوقائع التالية:
أولاً- وجود قناعة بأن الحرب في لبنان انتهت إلى غير رجعة، رغم الممارسات العسكرية الإسرائيلية الحالية في خلال تنفيذ اتفاق وقف النار لمدة 60 يوماً. والكلام في الخارج يوحي بأن المسألة محسومة لجهة خلو لبنان في المستقبل من أي سلاح غير شرعي. كما بات محسوماً أيضاً أن لبنان سيخرج من تحت العباءة الإيرانية، وسيعود إلى الحضن العربي والمجتمع الدولي.
ثانياً- إن ورشة الإصلاحات المطلوبة ستستغرق بعض الوقت، لا سيما أنها لا ترتبط بتعديل قوانين، أو إيجاد قوانين جديدة، بقدر ارتباطها بمناخ عام سائد، يحتاج تغييره إلى "ضربات" قد يتمّ توجيهها إلى "أعضاء" في الطبقة السياسية الحاكمة. ويتمّ التداول في عودة العقوبات الأميركية من الباب الواسع، لتطاول هذه المرة من يمكن أن يكون حجر عثرة في طريق الخروج من مناخ الفساد.
ثالثاً- إن الاتفاق على خطة إنقاذية، والتفاهم مع صندوق النقد الدولي عليها، سيحتاج بدوره إلى مزيد من الوقت، بسبب صعوبة تجاوز عقدة المودعين، حيث يصر المودعون، ومعهم القطاع المصرفي، على ضرورة إعادة الأموال التي أنفقتها الدولة إلى أصحابها. هذا الأمر، يحتاج إلى عناية استثنائية للوصول إلى تفاهمات عادلة، يمكن أن تُعيد الحقوق، أو القسم الأكبر منها، إلى أصحابها، من دون أن تُعطّل إمكانية الاتفاق مع صندوق النقد.
رابعاً- إن لبنان يحتاج إلى مساعدات عربية ودولية سريعة، ومن غير المفيد ربط المساعدات الطارئة بقضايا لن يتم إنجازها قبل سنوات.
هذه الملاحظات تشكّل نواة النقاشات التي تتم في كواليس عواصم القرار، وبالتفاهم مع دول خليجية، في محاولة لمعرفة ما إذا كان يمكن الوصول إلى صيغة، يتمّ من خلالها دعم لبنان واقتصاده بسرعة مقبولة، من دون أن يؤدّي ذلك إلى فكّ الارتباط بين المساعدات وشروط الإصلاحات.
أما الانتظام السياسي، فهو من الشروط الثابتة التي ينبغي أن تسبق أي مساعدة خارجية. وفي كل الأحوال، المعطيات في الخارج تؤكد أن الانتظام السياسي سيعود في وقت قريب، وأسرع بكثير من الإصلاحات ومن خطة الإنقاذ.